إن السياسة تقوم فى الأساس على تحقيق مصالح الشعوب وإقامة علاقات بينية بين الدول فى ضوء تحقيق المصالح المشتركة بينها، ومن ثم فإن تقدير تلك المصالح فى الحال والمآل يتربط بالوعي العام وإدارك أبعاد الأمور على المدى القريب والبعيد، ومسألة الوعي هذه هي أساس مهمة الإعلام وجوهر وظيفته.
فالإعلام قد يؤدي دوراً توعوياً تنويرياً يستطيع من خلاله خلق حالة عامة من الفهم السياسي لأولويات المرحلة وتقدير الأمور بقدرها وعدم الانزلاق وراء الشائعات الهدامة التي لاتنال إلا من العقول غير الواعية، وخصوصاً فى وقت الأزمات.
وعلى الصعيد الآخر، قد يكون الإعلام نفسه أحياناً هو أداة التضليل أو على الأقل أداة فاقدة لدورها القائم على نشر الوعي والتبصير بالمعلومات الصادقة، فتكون هناك أزمة فى البناء الإدراكي والثقافي للمجتمع ورؤيته للمشكلات، ولاشك أن هذا ينعكس على المجال السياسي بمستوياته المختلفة صعوداً وهبوطاً.
من أجل هذه العلاقة الارتباطية الواضحة بين الإعلام والسياسة، تصدت مجلة Arab Media & Society فى عددها الرابع والعشرين لمناقشة هذا الموضوع الآني والمهم، فالوطن العربي فى حالة تغيرات مستمرة سياسياً واقتصادياً وإعلامياً، ودور الأوعية العلمية أن تحاول مواكبة هذه التغيرات بالشرح والتفسير والتحليل، ولعل ذلك يكون مبعثاً للإسهام فى استبصار حقائق الأمور بشكل أفضل، وحفظ العلاقة الندية بين الإعلام والسياسة بما فيه صالح الطرفين ويضمن سيرهما فى المسار الذي يحقق صالح المجتمعات.