Home / عربي / المؤتمر العلمي السنوي الثالث والعشرون لكلية الإعلام جامعة القاهرة وسائل الاتصال وقضايا الصراع في العالم

المؤتمر العلمي السنوي الثالث والعشرون لكلية الإعلام جامعة القاهرة وسائل الاتصال وقضايا الصراع في العالم

تقدم هذه الورقة تقريراً وعرضاً لفعاليات المؤتمر العلمي السنوي الثالث والعشرين لكلية الإعلام بجامعة القاهرة، تحت عنوان "وسائل الاتصال وقضايا الصراع في العالم" وذلك يوميْ الإثنيْن والثلاثاء 11 و 12 سبتمبر 2017م، وقد صادف يوم افتتاح المؤتمر الذكرى السادسة عشرة لأحداث 11 سبتمبر 2001م في الولايات المتحدة الأمريكية، والذكرى الأولى لهذه الأحداث الإرهابية في عهد الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب.

وقد ذكرت في تعقيبي على جلسة البحوث الأولى في مستهل اليوم الثاني للمؤتمر، إن الأمريكيين – للأسف - لا يعون دروسهم جيدًا، فالأمريكيون هم مَن صنعوا تنظيم "القاعدة" وحشدوا "المجاهدين" من كل مكان لكي يخوضوا حربًا بالوكالة عن الولايات المتحدة في مواجهة الاتحاد السوفيتي في أفغانستان، وهم مَن سلحوا التنظيم ودربوه؛ لينقلب هذا التنظيم على البلدان العربية عند عودة أفراده إليها وتأسيس فروع للتنظيم في دول عربية مختلفة، لينتهي الأمر بكارثة مروعة أدت إلى الأحداث الإرهابية في 11 سبتمبر 2001م.

في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، قال الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة، إن الإعلام صاحب الدور الرئيس في قضايا الصراع، متابعًا: «الإعلام ليس مستقبلاً أو ناقلاً للحدث، لكنه يصنع الحدث من خلال الحروب النفسية وبث الشائعات، وله دور أساسي في صناعة الحدث».

وأوضح رئيس الجامعة الفارق بين حرية الصحافة وتزييف الوعي والسب والقذف، لافتًا إلى أن هناك فارقًا كبيرًا بين حرية الرأي وتزييف الحقائق، مؤكدًا أن الحرية مسئولية والتزام، وأنه لابد من معرفة كيفية التعامل مع الشائعات، كما دعا لإنشاء قسم خاص بالكلية للتعامل مع الشائعات ومعرفة مدى صحتها ومعالجتها.

من جانبها، قالت د. جيهان يسري عميد كلية الإعلام جامعة القاهرة، إن الكلية تنظم مؤتمرها عن قضايا الصراع ليكون ملتقًى للباحثين، وإن المؤتمر سيحقق الرصد والتكامل، لافتة إلى أن العالم أصبح يعيش صراعًا حقيقيًا وتنوعًا في القضايا، موضحة أن الإعلام أداة مهمة، وتستثمره الدول الكبرى لمصالحها، وأشارت إلى أن المعلومة أصبحت مهمة، وأن الإعلام يعالج الصراعات؛ لأن المعلومة هي محور الصراع، مضيفة أن وسائل الإعلام أصبحت تدير الصراعات من خلال تعزيز الأخبار السلبية أو استخدام وسائل الإعلام في تسويق أفكار الإرهابيين، على الرغم من أن دور وسائل الإعلام التصدي للعنف ونشر ثقافة السلام وقبول الآخر، وأوضحت أن الصراعات الداخلية تسبب انهيار الدولة والمؤسسات مثل اليمن وسوريا وليبيا.

وقال الكاتب الصحفي مكرم محمد أحمد رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، إن مصر بها أزمات متعددة في مجال الإعلام ووسائل الاتصال، خاصة في فقدان الرقابة عليها؛ مما يجعلها إحدى المخاطر التي تواجهها مصر خلال السنوت الماضية، مشيرًا إلى أنه يجب على الجميع تحمل المسؤولية كاملة في ظل الظروف الحرجة التي تمر بها مصر.

وذكر المهندس حسام الجمل رئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، أن مجلس دعم القرار بمجلس الوزراء يهتم بالربط بين البعد الإعلامي وإدارة الأزمات، مشيرًا إلى أن إدارة الأزمات لابد أن تكون تفاعلية وليست رد فعل؛ لأن الزمن الحالي سريع، ولابد من التعامل مع هذا الكم الكبير من المعلومات.

وقد تضمن المؤتمر ثلاث موائد مستديرة ناقشت موضوعات مهمة؛ فالمائدة المستديرة الأولى ناقشت قضية "الإعلام وإدارة الصراع: إطلالة على الواقع" تحدث فيها عددٌ من خبراء السياسة والأمن والإعلام، وناقشت المائدة المستديرة الثانية قضية "تداول المعلومات في أوقات الأزمات من خلال رصد العلاقة بين الحكومة والمواطنين"، فيما ناقشت المائدة المستديرة الثالثة قضية "الفضائيات وتغطية قضايا الصراع"، وضمت كل مائدة عددًا من الخبراء، كما ضم المؤتمر ورشة خاصة للتدريب على إنتاج المادة الإخبارية المرئية لقضايا الصراع في العالم العربي، بإشراف المدرب الإعلامي محمود الورواري من قناة "العربية".

وضم المؤتمر أربع جلسات لعرض البحوث؛ حيث عرضت الجلسة الأولى بحوث "تغطية وسائل الاتصال لأحداث الصراع"، وعرضت الجلسة الثانية لبحوث "خطاب الصراع في العالم العربي"، وعرضت الجلسة الثالثة لبحوث "شبكات التواصل الاجتماعي: خطاب الصراع السياسي والمذهبي"، وأخيرًا عرضت الجلسة الرابعة لبحوث "وسائل الاتصال وإدارة الصراع والرأي العام".

وقد فاز بجائزة أفضل بحث في المؤتمر بحث د. رحاب محمد أنور المدرس بقسم الإعلام بكلية الآداب جامعة المنيا، والبحث بعنوان:"أثر تعرض الشباب الجامعي للصور الصحفية للصراعات العربية على استجاباتهم الوجدانية: دراسة تجريبية"، وتتمثل مشكلة هذا البحث فى الرصد والقياس التجريبي لأثر تعرض الشباب الجامعي للصور الصحفية للصراعات العربية في الدول الأربعة (سوريا واليمن والعراق وليبيا) على استجاباتهم الوجدانية فى إطار ثلاثة من المتغيرات الوسيطة، هى: الخلفية المعرفية، ومعدل التعرض لوسائل الاتصال المختلفة، والنوع.

وتلا هذا البحث في الأفضلية بحث د. ياسر أبو المكارم الأستاذ المساعد بجامعة الخليج بدولة الكويت، وهو بعنوان:"تحليل متعدد العناصر للخطاب بمجلات تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا: خطاب العنف والوحشية البصرية"، واستهدفت هذه الدراسة تحليل خطاب مجلتيْ تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق وسوريا "ISIS" - "دابق" و"رومية".

وانطلقت الدراسة من حقيقة أن الخطاب البصري لا يمكن اختزاله في عنصر واحد من العناصر المرئية، كالصورة الصحفية، وإنما يجب فهمه في إطار تأثير العناصر البصرية وغير البصرية مجتمعة، والتي تتضمن ـــــ بالإضافة إلى الصورة والألوان الصحفية ــــ العنوان، والتعليق المرتبط بالصورة، والعناصر التي ترمز إلى لغة الجسد، وتعبيرات الوجه في الصور الصحفية، كما تسعى الدراسة إلى فهم الخطاب البصري من خلال التفاعل بين العناصر التيبوغرافية والعناصر المرئية وعلاقتها بالتعالق النصي.

وحددت الدراسة العوامل التي تشكل ركائز القوة  "Power" في خطاب "تنظيم الدولة الإسلامية"، وسعت إلى التعرف على كيفية استغلال العناصر البصرية وغير البصرية في التأثير فى إنتاج الخطاب المرتبط بالأنشطة الخاصة بتنظيم الدولة الإسلامية، والنظام الخاص بأفكار هذا التنظيم، وبناء هوية تنظيم الدولة الإسلامية.

ومن بين البحوث المميزة أيضًا في هذا المؤتمر، بحث د. عمر جياد علي رئيس قسم الإعلام بكلية الآداب جامعة الأنبار العراقية، وهو بحث بعنوان:"القنوات الفضائية الإخبارية والصراع الطائفي في العراق من وجهة نظر أساتذة الجامعة"، وتمثلت مشكلة البحث في تساؤل رئيس عن الدور الذي مارسته القنوات الفضائية الإخبارية بشأن ظاهرة العنف الطائفي في العراق من وجهة نظر أساتذة الجامعة.

وقد شكلت القنوات الفضائية الإخبارية والمضمون المعروض فيها - حول العنف الطائفي وأهمية فئة الجمهور الخاضع للدراسة - أهمية إضافية لموضوع البحث الذي سعى لمعرفة وجهة نظر الأساتذة الجامعيين ورؤيتهم وقناعاتهم حول عمل تلك القنوات ومدى إسهامها في تفاقم ظاهرة العنف أو الحد منه؛ لذا حاول البحث الخوض في ميدان يشهد تطورات متلاحقة ألقت بظلالها على العراق والمنطقة العربية، لا سيما الجانب الطائفي منها، وقد توصل البحث إلى نتائج مهمة، من بينها:

- معارضة أساتذة الجامعة العراقيين لمواضيع العنف الطائفي التي تعرض؛ إذ حصلت فئة (معارض بشدة) على المرتبة الأولى بنسبة عالية بلغت 94.8%.

- تأكيد أساتذة الجامعة وجود دور للقنوات الفضائية الإخبارية في تفاقم ظاهرة العنف الطائفي في العراق؛ إذ احتلت فئة (موافق بشدة) نسبة عالية بلغت 82.1%، تلتها في المرتبة الثانية فئة (موافق) بنسبة بلغت 17.3%.

ومن بين الدراسات ذات البعد الاجتماعي دراسة د. لميس الوزان المدرس بالمعهد العالي للإعلام وفنون الاتصال؛ حيث قدمت بحثًا بعنوان:"الصراع الطبقي في الدراما المصرية: دراسة تحليلية مقارنة في إطار نظرية صراع الطبقات الاجتماعية"، والجدير بالذكر أن وسائل الإعلام تنقل الواقع الذي يعيشه آلاف الأفراد في المجتمع، الذي يعمل على توليد الصراع الطبقي بين الخير والشر والغني والفقير وصولًا إلى صميم الموضوع، وهو الوسيلة التي تنقل لنا قصصًا عن الواقع من خلال المسلسلات التليفزيونية والتي تعكس صراع الطبقات الاجتماعية، ولم تأخذ الدراسة حيزًا من الاهتمام من قبل الدراسات الإعلامية.

وانتهى المؤتمر إلى عددٍ من التوصيات، أهمها:

-  أولاً: تهيئة البيئة السياسية والتشريعية لوسائل الاتصال وإعداد الكوادر المؤهلة، بحيث تستطيع استرداد دورها في إدارة الصراع على مختلف المستويات محلياً وإقليمياً ودولياً بعد تراجعه في الحالة الراهنة نتيجة العديد من المتغيرات.

-  ثانياً: رصدت نتائج البحوث والمناقشات اتساع ظاهرة الصراعات الداخلية العربية من حيث مداها وتأثيرها، بحيث باتت الأكثر خطورة في تفاعلات المجتمعات العربية على مختلف الأصعدة، وما ترتب عليها من عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي وازدياد معدلات العنف والإرهاب؛ الأمر الذى يدعو إلى ضرورة إعادة النظر فى أولويات أجندة الإعلام العربي للحد من آثاره السلبية.

-  ثالثاً: الالتزام بالضوابط المهنية والأخلاقية في المعالجات الإعلامية لقضايا الصراع على أن تضع فى اعتبارها المصالح العليا للوطن والأمن القومي المصري والتوعية بكافة أبعاد الصراع.

-  رابعاً: اعتماد وسائل الإعلام على مراسليها المؤهلين في تغطية أحداث الصراع ومتابعتها تجنباً للاستعانة بمصادر قد تفتقد المصداقية، مع توفير الضمانات لحمايتهم وتأمينهم. 

-  خامساً: تدعيم دور مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء بالتواصل المجتمعي وسرعة التعامل مع الأزمات والكوارث، بما يساعد على تضييق الفجوة بين المواطن والدولة وإعادة بناء الثقة بينهما في طرح معلومة صحيحة ودقيقة وغير متضاربة. 

-  سادساً: ضرورة مواجهة الشائعات بالمعلومات الدقيقة والشاملة للحد من تأثيراتها السلبية في تأجيج الصراع، مع الحذر عند التعامل مع صحافة المواطن باعتبارها من المصادر التي قد تعتمد عليها وسائل الإعلام.

-  سابعاً: تطوير الأدوات البحثية والتعمق في الأطر النظرية والمعرفية التي تعالج قضايا الصراع إعلامياً، مع إعادة النظر في المفاهيم المتداولة بشأنها.

-  ثامناً: تنظيم عدد من ورش العمل والدورات التدريبية للصحفيين والإعلاميين المعنيين بتغطية أحداث الصراع الأزمات والكوارث داخليًا وخارجيًا.

About Sherif Darwish ElLaban

أستاذ الصحافة ووكيل كلية الإعلام، جامعة القاهرة

Check Also

Digitalism, Capitalism, and Contemporary Transformations in Academic Work: An Evaluative Study of Risks and Opportunities (Arabic)

Scroll down for the Arabic abstract. Modern universities have always been an embedded part of …