د. ثريا السنوسي - أستاذ مساعد ورئيس قسم العلاقات العامة، كلية الإعلام-جامعة الغرير- دبي، الإمارات العربية المتحدة
"تشارلي إيبدو" وسبل إدارتها إعلاميًا، ومن خلال مقاربة نظرية حاولنا الإجابة عن الإشكالية التالية: إلى أي مدى يمكن الإقرار بوجود "أزمة" عند الحديث عن الهجوم الإرهابي الذي تعرضت له الصحيفة الفرنسية الساخرة "شارلي إيبدو" والذي تبناه التنظيم الإرهابي للدولة الإسلامية (داعش)؟ وماهي ملامح إدارة الأزمة المدروسة إعلاميًا؟.
وقد توصلنا إلى جملة من النتائج، لعل أهمها أن حادثة "شارلي إيبدو" قد شرعت للحديث عن أزمة على اعتبار أنها حالة طارئة أدت إلى الاخلال ليس فقط بالأوضاع الداخلية بالصحيفة الفرنسية الساخرة بل وبالوضع الأمني بالبلاد وبالعالم ككل، وهي تستجيب لمقومات "الأزمة" الناتجة عن حدث إرهابي؛ وذلك لأن ملامحها وملابساتها وتداعياتها تتماهى ومفهوم "الأزمة" نظريًا.
ومن خلال دراستنا لأبجديات إدارة الأزمات إعلاميًا، ومقارنتنا لما نشر فعليًا في عدد من البلدان الغربية، بينا أن الهدف من وراء شنّ حملة "أنا تشارلي" قد تجاوز إظهار الدّعم المعنوي لإعلاميي الجريدة، ودخل ضمن منظومة التأجيج الإعلامي للأزمة فور حدوثها، والتي برزت ملامحها جليّة من خلال إعادة نشر الصور المسيئة للرسول الأكرم في العديد من وسائل الإعلام الأرووبيّة وحتى الأمريكيّة.
وهو مؤشّر يؤكد أنّ وسائل الإعلام قد تتجاوز دورها الرّيادي في معالجة الأزمات بتغطيتها، لتصبح شريكًا في صناعتها والتسويق لها؛ وبالتالي الحياد عن المسؤوليّة الاجتماعيّة التي يجب على الإعلام الاضطلاع بها، والمتمثلة في إنارة الرأي العام لا تضليله، واعتماد معايير أخلاقيّة سامية كالحياد والموضوعيّة والمصداقيّة في نقل الأحداث، لا تبنّي أجندات والانحياز إلى خطابات دون أخرى -خطاب الإسلاموفوبيا في هذه الحالة-، والاضطلاع بالدور التسويقي له، وهو ما يفضي إلى أزمة الإعلام، وهذا هو ما تدور حوله تلك الورقة العلمية.