تمهيد:
إن لوسائل الإعلام دورًا كبيرًا في وقت الأزمات على مختلف أنواعها وتعدد مجالاتها ومستوياتها؛ حيث يستطيع الإعلام أن يعالج الأزمة ويتناولها بصورة موضوعية تأخذ في الحسبان أبعادها المختلفة سعيًا للحل بما يؤدي إلى انتهائها وتجاوزها في أسرع وقت ممكن، وفي المقابل يستطيع الإعلام - عبر بعض الممارسات - أن يزيد من حالة التوتر والاحتقان بين طرفي/أطراف الأزمة؛ وبالتالي استمرار الأزمة وتفاقم المشكلات الناتجة عنها، ما يعني عندنا أن هناك فرقًا بين إعلام يعالج الأزمة وإعلام آخر يدفع في اتجاه استمرار الأزمة وتغذيتها، في هذا الإطار يأتي كتاب "الإعلام وإدارة الأزمات مبادئ نظرية ونماذج عملية" لمؤلفته أ.د هويدا مصطفى أستاذة الإذاعة والتليفزيون بكلية الإعلام جامعة القاهرة، تتناول من خلاله:
- إدارة الأزمات مبادئ نظرية ونماذج عملية
- دور الإعلام قبل وأثناء وبعد الأزمات
- تهديدات الإرهاب واستراتيجية المواجهة
- مهارات عملية في التعامل مع الإرهاب والتطرف
- ثم تأتي الخاتمة تحت عنوان ثقافة حوار وتسامح لا عنف وكراهية
الفصل الأول: إدارة الأزمات..مباديء نظرية
الأزمة: المفهوم والأبعاد
من الناحية الاجتماعية: (توقف الأحداث المنظمة المتوقعة واضطراب العادات والعرف؛ مما يستلزم التغيير السريع لإعادة التوازن وتكوين عادات جديدة أكثر ملاءمة).
من الناحية السياسية: (حالة أو مشكلة تؤثر فى النظام السياسي؛ مما يستدعي اتخاذ قرار لمواجهة التحدي الذي تمثلة الأزمة وهو تحد له أبعاد مختلفة: إدارية وسياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية).
أما من الناحية الدولية فيختلف مفهوم الأزمة ويتداخل مع مفاهيم أخرى متشابهة، منها المشكلة والصراع والكارثة؛ مما يستدعي تحديد السمات المشتركة بينها، وهي المفاجأة والتعقيد والتشابك والتداخل بين عناصرها وأسبابها وقوى المصالح المؤيدة والمعارضة لها والتصاعد المفاجيء لآثارها.
اتصالات الأزمة: هي سلسة مترابطة تشمل حلقاتها علاقة المنظمة بأجهزة الاتصال داخل المجتمع وعلاقتها بالجمهور وتفاعل هذه العناصر مع المضمون الذي تسعى المنظمة لتحقيقه؛ حيث تعكس عملية إدارة الأزمة المفهوم الوقائي والعلاجي (أي قبل وبعد الأزمة وخلالها)، وهو ما يعد أحد جوانب استراتيجية العمل داخل المنظمة لمواجهة الأزمة؛ حيث تنطوي الأزمة على عدة خصائص تتطلب إدارة فعالة لعنصر الاتصالات، وهذه الخصائص هي: معلومات مفزعة، وتضارب في التصريحات، وعدم دقة البيانات، وحدود الوقت المتاح للتأكد وتحديد المسئوليات.
محددات التعامل مع الأزمة:
- تحقيق التكامل بين مختلف الأنشطة السياسية والاقتصادية والإدارية ذات الصلة بالأزمة.
- المرونة في التشكيل التنظيمي للمؤسسات.
- وضع سياسات عامة لكافة القضايا المتعلقة بإدارة الأزمة.
- وضع التشريعات المتعلقة بقضايا الأزمات.
- تحديد أفضل الأساليب لتنمية وعي الرأي العام بمخاطر وتحديات الأزمة، من خلال أساليب الاتصال الجماهيرية والاتصالات المباشرة.
- الاهتمام بنشر البيانات والمعلومات من خلال شبكة الاتصالات الخاصة بالأزمة.
كما يتناول الفصل تأثير البعد الإعلامي في إدارة الأزمة، ويناقش أهم أسس التعامل مع الإعلام في الأزمات، وهى:
- التأكد من المعلومات التي يتم تقديمها لوسائل الإعلام في وقت الأزمة.
- التحقق من الوقت المناسب لتقديم المعلومات لكل وسيلة من وسائل الإعلام، وكذلك التحقق من الشكل المناسب لنشر المعلومات من خلال هذه الوسائل.
- إعداد البيانات والتقارير والنشرات الإعلامية والصحفية طوال مراحل الأزمة.
- ترتيب زيارة الإعلاميين والصحفيين لمواقع الأزمة، وتمكين الإعلاميين من الوصول إلى المسئولين ومتخذي القرار في الأزمة.
أهمية دور الإعلام وقت الأزمات:
تعد الأزمات مادة ثرية لوسائل الإعلام الجماهيرية؛ حيث تحظى بتغطية موسعة تستجيب لحاجة الجماهير للمعرفة، كما يعد الإعلام مكونًا رئيسًا من مكونات استراتيجية مواجهة الأزمة، فهو أحد الوسائل التي تؤثر في تشكيل معارف واتجاهات الرأي العام تجاه الأزمة.
كما وضّح الفصل دور الإعلام في المراحل المختلفة للأزمة، وهي (مرحلة نشر المعلومات - مرحلة تفسير المعلومات - المرحلة الوقائية).
ونوقشت استراتيجيات الإعلام في مواجهة الأزمات، وهي: استراتيجية التركيز، والاستراتيجية الديناميكية، والاستراتيجية الثقافية الاجتماعية، واستراتيجية بناء المعاني، واستراتيجية الموقف المشكل، واستراتيجية الاتصال الوقائي.
الفصل الثاني: دور الإعلام قبل وأثناء وبعد الأزمات
دورة حياة الأزمة The Crisis Life - Cycle
يرى العلماء أن دورة حياة الأزمة تمر بثلاث مراحل: ما قبل وقوع الأزمة - مواجهة الأزمة حال وقوعها - إجراءات ما بعد الأزمة، بينما يرى علماء آخرون أن دورة حياة الأزمة تمر بخمس مراحل رئيسة، هي:
مرحلة إشارات الإنذار – مرحلة الاستعداد والوقاية – مرحلة احتواء الأضرار- مرحلة استعداد النشاط – مرحلة استيعاب الدروس المستفادة.
ينطلق دور الإعلام والاتصالات في المراحل المختلفة للأزمة من ثلاثة مباديء رئيسة، هي: إدارة القضايا التي تثيرها الأزمة، التخطيط لمنع الأزمة، الإنجاز والعمل على انحسار الأزمة.
ثم تناول الفصل عناصر الاتصال ودورها في المراحل المختلفة في الأزمة على النحو الآتي:
- المرسل: وتتحدد مهامه وقت الأزمات من خلال معرفة ودراسة طبيعة وخصائص الجمهور الذي يتوجه إليه، والإلمام بمفهوم الأزمة وأهمية الدور الإعلامي في التعامل معها.
- الرسالة الإعلامية: التي يجب أن تثير اهتمام الجمهور لتنشيط عنصر المشاركة، وإبراز المطلوب من الجمهور للإسهام في مواجهة الأزمة وتداعياتها، بالإضافة إلى ضرورة البساطة والوضوح في صياغة الرسالة.
- الوسيلة الإعلامية: ينبغي على المرسل فهم خصائص كل وسيلة من الوسائل، مع الحرص على تحقيق مبدأ الوحدة والتنوع في أداء وسائل الإعلام لإدارة الأزمات.
- المستقبل: يرتبط نجاح الإعلام في التعامل مع الأزمات بمدى قدرة الجمهور على الاستجابة للرسالة الإعلامية وفك رموزها والتفاعل معها وفقًا لثقافته ومفاهيمه ومعتقداته.
عناصر التخطيط الإعلامي في إدارة الأزمات:
تختلف الخطط الإعلامية لإدارة الأزمات باختلاف طبيعة ونوع الأزمة من ناحية، وطبيعة وإمكانيات الجهة التي تواجه موقف الأزمة من ناحية أخرى، ولكن هناك عناصر أساسية مشتركة يجب أن تقوم عليها أي خطة إعلامية لإدارة الأزمة، هي:
- تحديد الأهداف العامة والخاصة للخطط الإعلامية في المراحل المختلفة للأزمة.
- تحديد الجماهير المستهدفة.
- تحديد الوسائل والإمكانيات المتاحة.
- إعداد الرسالة الإعلامية.
كما قدّم الفصل دور الإعلام في مواجهة الشائعات خلال المراحل المختلفة للأزمة والاستراتيجيات الإعلامية لمواجهة الشائعات في المراحل المختلفة للأزمات.
الفصل الثالث: تهديدات الإرهاب واستراتيجيات المواجهة
لا شك أن وسائل الإعلام تؤدي دورًا محوريًا في تكوين الاتجاهات والميول، وتؤثر فى عملية اكتساب الجمهور المعارف والمعلومات خاصة وقت الأزمات؛ حيث تزداد درجة اعتماد الجمهور على هذه الوسائل في ظل حالات عدم الاستقرار والصراع وانتشار أحداث العنف والإرهاب؛ وذلك بهدف خلق معانٍ ثابتة للأحداث، وإيجاد التفسيرات الملائمة لها؛ نظرًا لما تتسم به حوادث الإرهاب من عنف ومفاجأة واضطراب للمعايير والقيم المستقرة في المجتمع.
دور وسائل الإعلام في التصدي للإرهاب:
مع التصديق بأهمية البعد الأمني لمواجهة ظاهرة الإرهاب واحتواء آثارها، إلا أن هذه المواجهة تتطلب تفعيل دور المؤسسات الإعلامية ــــ سواء الرسمية أو الخاصة ــــ لمواجهة الإرهاب من واقع المسئولية الاجتماعية التي تمارسها هذه المؤسسات في المجتمع، وهي المسئولية التي تحاول التوفيق بين استقلال وسائل الإعلام والتزاماتها تجاه المجتمع.
أما عن أهم الأخطاء التي تقع فيها وسائل الإعلام أثناء تغطية الأحداث الإرهابية فتتمثل في:
- التركيز على الحدث أكثر من التركيز على الظاهرة.
- هيمنة الطابع الإخباري على التغطية الإعلامية، وتقديم تغطية متعجلة وسريعة وربما أحيانًا سطحية.
- غياب التغطية الإعلامية ذات الطابع التفسيري التحليلي والاستقصائي.
- عدم الاهتمام بمعالجة جذور ظاهرة الإرهاب وأسبابها العميقة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدينية.
- معالجة العمليات الإرهابية كحدث منعزل وليس كعملية تجري في سياق معين وتحدث في بيئة لها خصائص وسمات محددة.
- غياب الكوادر الإعلامية المؤهلة والمتخصصة القادرة على تقديم معالجة إعلامية مناسبة.
- غياب المعلومات الدقيقة والموثقة المستقاة من الجهات الرسمية المعتمدة، إلى جانب الاعتماد في الغالب على مصادر غير موثوق بها نتيجة الرغبة في تحقيق السبق الإعلامي.
- تتسم التغطية الإعلامية بالعفوية والارتجال وعدم التخطيط.
- تفتقد التغطية للتوازن؛ فتقع في مأزق التهوين أو التهويل؛ وهو ما يؤثر سلبًا فى مصداقية هذه التغطية وقدرتها على التأثير.
أما عن آليات تنفيذ الاستراتيجية الإعلامية لمواجهة الإرهاب فكانت كالآتي:
- السعي لاستثارة وعي الجمهور وإدراكه لخطورة الإرهاب وأهمية مواجهته، من خلال ما تقدمه وسائل الإعلام من مواد تدفع الجمهور إلى التفاعل الإيجابي.
- الاهتمام بالمعالجات المتعمقة في مواجهة الأحداث الإرهابية.
- الاهتمام بإبراز الجهود المحلية والإقليمية والدولية التي تهدف إلى مكافحة الإرهاب.
- التنسيق بين قطاع الإعلام الحكومي وقطاع الإعلام الخاص؛ بهدف إبراز خطر الإرهاب وأهمية مواجهته والالتزام بالضوابط المهنية، وعدم السعي إلى السبق الإعلامي غير المدروس الذي تسعى بعض وسائل الإعلام إلى تحقيقه.
- الاهتمام بتنمية الخلفية المعلوماتية لدى الإعلامي عن الإرهاب، من خلال أدوات تثقيفية تعني بتفسير الظاهرة وأبعادها ومراحل تطورها.
- توظيف الأشكال والمواد الإعلامية المختلفة للتوعية بمخاطر الإرهاب وكشف أسبابه وعناصره ودوافعه، من خلال إنتاج مواد تسجيلية وحملات توعية ومواد درامية إلى جانب التحقيقات والتقارير.
- تطوير البرامج والمواد الدينية المعروضة في وسائل الإعلام بالتركيز على الوسطية وقيم التسامح والسلام، ومحاربة الفكر المتطرف والتكفيري.
- التعامل بحذر مع البيانات الإعلامية للتيارات الإرهابية التي تبث في المواقع الالكترونية حتى لا تكون وسيلة للترويج لتلك التيارات.
الفصل الرابع: مهارات عملية في التعامل مع الإرهاب والتطرف (التأهيل والتدريب)
أصبح الإرهاب ظاهرة عالمية تجتاح معظم مناطق العالم بدرجات متفاوتة، وقد شهد العالم تطور هذه الظاهرة ونمو الجماعات الإرهابية التي امتدت نشاطاتها خارج حدودها الوطنية؛ مما أدى إلى اتساع نطاق الإرهاب فيما يعرف بالإرهاب الدولي.
ويشهد العالم العربي تنامي ظاهرة العنف والإرهاب وتعدد منظمات العنف السياسي الديني التي تختلف عن غيرها من التيارات العنيفة في المناطق الأخرى من العالم، كما يعكس واقع تطور ظاهرة الإرهاب إشكالية الخلط بين الأعمال الإرهابية واستخدام القوه المسلحة للدفاع عن النفس والنضال الوطني وسياسات الإكراه السياسي والاقتصادي، وإلى الآن لم تفلح الأمم المتحدة في إعطاء مفهوم للإرهاب يتفق عليه المجتمع الدولي بشكل دقيق.
تعريف الإرهاب:
خلصت التعريفات الخاصة بمصطلح الإرهاب إلى تعريف الإرهاب بأنه "عنف منظم تقوم به جماعة منظمة يهدف إلى خلق حالة من التهديد العام موجهة إلى دولة أو جماعة سياسية معينة لتحقيق أهداف سياسية أو غير سياسية، وإن كان الإطار السياسي هو الذي تتم فيه موجة العنف بدءًا من أعمال العنف المضادة للحكومة واتساع موجة العنف لتشمل جميع أشكال العنف السياسي.
وسائل الإعلام ومعالجة ظاهرة التطرف والإرهاب:
لا شك أن وسائل الإعلام تؤدي دورًا محوريًا في تكوين الاتجاهات والميول، وتؤثر فى عملية اكتساب الجمهور للمعارف والمعلومات خاصة وقت الأزمات؛ حيث تزداد درجة اعتماد الجمهور على هذه الوسائل في ظل حالات عدم الاستقرار والصراع وانتشار أحداث العنف والإرهاب؛ ومن هنا أثير الجدل والنقاش في وسائل الإعلام حول مفهوم الإرهاب وماهية الأطراف الإرهابية، وتعددت التفسيرات حول مفهوم العنف السياسي والفرق بين الإرهاب ومقاومة الاحتلال وغيرها من المفاهيم المرتبطة بالإرهاب.
درجت البحوث والدراسات التي تناولت دور الإعلام في التصدي للإرهاب على تعريف هذا الدور على أنه "تلك الممارسات الإعلامية الأمنية المتخصصة التي تقوم بها إدارات الإعلام في الأجهزة الإعلامية المتخصصة في مواجهة الإرهاب"، وهو الأمر الذي جعل قضية مواجهة الإرهاب والتصدي لها مهمة أمنية من الدرجة الأولى، ومن هذا المنطلق تبرز أهمية دور المؤسسات الإعلامية ـــــ سواء الرسمية أو الخاصة ـــــ في التصدي لظاهرة الإرهاب من واقع المسئولية الاجتماعية التي تمارسها هذه المؤسسات في المجتمع، وترتكز المباديء الأساسية في نظرية المسئولية الاجتماعية لوسائل الإعلام على الحقائق الآتية:
- أن وسائل الإعلام بمختلف أنواعها ينبغي أن تقوم بالتزامات معينة تجاه مجتمعنا.
- أن وسائل الإعلام يمكن أن تقوم بهذه الالتزامات من خلال مستويات مهنية للإعلام، منها الالتزام بمعايير الصدق والموضوعية والدقة والأمانة.
- أن وسائل الإعلام عليها أن تعكس تنوع الآراء والأفكار في مجتمعها، وتتجنب ما يؤدي إلى العنف أو الفوضى أو الجريمة.
- أن الصحفيين والإعلاميين يجب أن يلتزموا بالمسئولية تجاه مجتمعهم، بالإضافة إلى مسئولياتهم داخل مؤسساتهم الإعلامية والصحفية.
- الاهتمام بتقديم مواد إعلامية تحليلية ونقدية تتناول مختلف الأبعاد السياسية والفكرية والاجتماعية التي ترتبط بقضايا الإرهاب.
- اهتمام المعالجة الإعلامية بالموضوعية التي تقوم على إتاحة المعلومات المختلفة، وإبراز مواقف الأطراف الفاعلة في الأزمة، وإتاحة الفرصة للجمهور للحصول على الحقائق الخاصة بهذه القضايا.
كما ناقش الفصل أهمية عنصر تأهيل وتدريب الإعلاميين لمواجهة ظاهرة التطرف والإرهاب، من خلال صياغة خطة تدريبية فعالة تشمل الوقوف على اتجاهات القائم بالاتصال نحو ظاهرة الإرهاب وكيفية التعامل معها، ورصد حجم المعارف والمعلومات التي لديه حولها ومعوقات التعامل معها، تأكيدًا لأهمية التأهيل والتدريب كمكون مهم في إطار استراتيجية إعلامية متكاملة لمواجهة هذه الظاهرة.
ما ينقص المعالجات الإعلامية للإرهاب من وجهة نظر الإعلاميين:
عدم وجود نماذج محددة وتقييمية للتعريف بكيفية إدارة المؤسسات الإعلامية للأزمات أو الكوارث أو التعامل معها.
غياب أسس وقواعد واضحة تحكم العملية الإعلامية أثناء التغطية.
غياب التدريب المهني الجيد للتعامل مع تلك الأحداث.
عدم وجود ميثاق شرف إعلامي تلتزم به كافة المؤسسات الإعلامية في التعامل مع الأخبار المتعلقة بأعمال العنف والإرهاب.
عدم الاستفادة من إمكانات التكنولوجيا الحديثة في التعامل مع هذا النوع من الأحداث.
كما أكد 55% من الإعلاميين في دراسة استطلاعية أن المواقع الإخبارية والصحف ونشرات الأخبار التليفزيونية قد يكون لها تأثير أكبر من المعالجات البرامجية والحوارية في نقل الأخبار والتغطية الإعلامية للمعالجات؛ خاصة أن الجمهور هذه الأيام يبحث عن المعلومة والخبر أكثر من بحثه عن التحليل.
مقترحات لتطوير مهارات الإعلاميين في التعامل مع الإرهاب و التطرف:
- لابد من تفاعل خبرات العاملين في مجال الإعلام مع المتخصصين في مجال الإدارة والأزمة؛ وذلك لخلق نموذج إعلامي إداري جيد يساعد على التعامل بأسلوب علمي دقيق ومنهجية واضحة مع الأزمة إعلاميًا.
- ضرورة تقليل حجم الضغوط التي تمارس على العاملين داخل المؤسسة الإعلامية.
- لابد من قناعة المؤسسات الحكومية والسلطة التنفيذية بأن حرية الإعلام تعد من الركائز الأساسية للنهوض بقدرات وكفاءة الدولة.
- تعتمد صياغة الرسائل الإعلامية على طبيعة الأزمة والمرحلة الزمنية التي تمر بها والجمهور المستهدف الذي تتوجه إليه.
- التدريب على استخدام المصطلحات المحددة للإرهاب وتوحيدها؛ حتى يتجنب الإعلامي استخدام مصطلحات تخدم أيديولوجية الجماعات الإرهابية وأهدافها.
- إعداد دورات تدريبية حول القواعد الإرشادية في إعداد التقارير الإعلامية للتصدي للإرهاب.
- إعداد ميثاق شرف إعلامي أمني لمواجهة الإرهاب يحتوي على المباديء العامة الآتية:
1) تأصيل الإحساس بالمسئولية الإعلامية الأمنية تجاه الجمهور والمجتمع بالالتزام بالأمانة والصدق والنزاهة والمعايير المهنية الإعلامية الصحيحة.
2) احترام مباديء المنافسة الإعلامية الشريفة والعدالة، وعدم الانسياق وراء السبق المروج لأفكار هدامة أو للتنظيمات الإرهابية.
3) عدم إذاعة الصور الإعلامية التي تروج للعنف والإرهاب.
4) التعامل في حدود وبحذر مع الصور التي تتضمن مشاكل قتل وعنف؛ حرصًا على مشاعر الجماهير.
5) تجنب صنع نماذج البطولة والشهرة للخارجين عن القانون، وخاصة الإرهابيين.
6) الالتزام الأخلاقي بتجنب بث ونشر كل ما من شأنه أن يثير الانقسامات السياسية والطائفية في المجتمع.
وتأتي خاتمة الكتاب بعنوان "ثقافة حوار وتسامح لا عنف وكراهية"، فقبول ثقافة الآخر لا تعنى بالضرورة الاقتناع بها؛ إنما هي إقرار بوجود الاختلاف دون تمييز بسبب الجنس أو الدين أو القومية.
وقد أصبح نشر ثقافة قبول الآخر أمرًا ملحًا في الوقت الحالي الذي يشهد صراعات سياسية وعرقية ودينية ومذهبية، فانتشار هذه الثقافة في نفوس وعقول الشباب يؤدي إلى خلق جيل واعٍ قادر على تحمل أعباء المسئولية وقيادة المرحلة القادمة بشكل إيجابي سليم.
فمجتمعاتنا العربية بحاجة هذه الأيام إلى ترسيخ ونشر ثقافة الحوار كبديل عن ثقافة العنف السائدة، وهو عمل حضاري ومشروع يحتاج إلى أن تبذل من أجله الجهود في المؤسسات التربوية والتعليمية والإعلامية، كما تتطلب إرساء قواعد ثقافة التسامح، وقبول الآخر النقد الذاتي بدلًا من الانشغال بالبحث عن سلبياته، وإحسان الظن بالآخر، ونبذ ثقافة الكراهية وتفعيل ثقافة فن الإصغاء له، والإيمان بأن الحوار أرحب من أن يختزل في مذهب أو تفسير واحد، بالإضافة إلى القدرة على التفاعل مع الآخرين، وقابلية احترام وجهة النظر المعارضة، فإذا ما تحققت هذه المقومات امتلكنا ثقافة تسامح وحوار تنبذ العنف والكراهية.