يؤدي الإعلام دوراً محورياً في هذه السنوات التي تعتمد على السجال المعلوماتي والسيطرة الرقمية بكل أشكالها، وقد أظهرت الأحداث حولنا أن قناةً إعلاميةً قد تؤدي دوراً سياسياً بالنيابة عن دولةٍ بأكملها، الأمر الذي بدأت مؤخراً تنتبه إليه الدول العربية، وتوليه اهتماماً لا بأس به، وإن ظل المشهدُ غير متوازن وفي حاجة لمزيد من المبادرات المنظمة والاستثمار الجاد في صناعة منظومات إعلامية لها قدرة تنافسية دولية.

لم يكن ذلك في السابق ملحاً، أو على الأقل لم يكن الشعور بأهميته واضحاً، لكن بعدما تداعت الأزمات والأحداث المتتالية على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، انتبه الجميع لما يمكن أن يقوم به الإعلام في إدارة الأزمات والتأثير على مساراتها وعواقبها، الأمر الذي مثل مفاجأةً لكثيرين كانوا يظنون أن دورَ الإعلام أقلُ من ذلك بكثير.

إنني لازلت على يقين أن الإعلامَ طرفٌ فاعل في أي أزمة بشكل أو بآخر، ليس مجرد وسيط لنقل المعلومات والأخبار، بل إن علاقات بين دول قد تتوتر وحروباً قد تنشبُ بسبب كلمةٍ غيرِ مسؤولةٍ أو معلومةٍ غير دقيقة تناولتها وسائل الإعلام، والعكس صحيح.

إن مسؤولية وسائل الإعلام هي الحفاظ على ذلك الخيط الرفيع بين الأداء المهني وقت الأزماتِ النابعِ من المسؤوليةِ الإجتماعية، والحريةِ التي لايستغني عنها أي صحفي أو إعلامي في أداء عمله، ولو دققنا النظر لوجدنا أن معظم المشكلات تحدث بانعدام القدرةِ على الموازنةِ بين الجانبين بمهنية، مما قد يؤدي في كثيرٍ من الإحيان إلى فقد ثقةِ الجمهور في الوسيلة الإعلامية، أو الانسياقِ وراء ما يُقال دون وعي ناقد.

إن العددَ الذي بين أيدينا من دورية Arab Media & Society يتعرضُ لتلك القضية المهمة من زوايا نقاشية أكاديمية جديرة بالقراءة المتعمقة، ولاشك أن الباحثين المشاركين فيها من مختلفِ الجامعات بكلٍ من اللغة العربيةِ والإنجليزية، قد قدموا خلاصَة جهدهم البحثي ليستفيدَ منه القارىءُ، متمنياً التوفيق للجميع.