د.صونية عبديش - أستاذ محاضر بكلية الإعلام والاتصال، جامعة الجزائر
صدر مؤخرا عن دار طاكسيج. كوم، بمركز البحوث والدراسات، كتاب جديد للباحثة الجزائرية صونية عبديش، "بعنوان الشباب الجزائري والفيس بوك، بين فرص الاستخدام ومعضلة الإدمان"، الكتاب من الحجم المتوسط مكون من 282 صفحة.
من خلال محتوى الكتاب نلمس سعي المؤلفة للإجابة عن الإشكالية المنبثقة عن واقع اهتمام المجتمع الجزائري -على غرار باقي المجتمعات- باستخدام شبكات التواصل الاجتماعية على الإنترنت؛ إذ توفر هذه الشبكات أدوات تسهل عملية ربط علاقة حول مركز اهتمام مشترك، وتسمح بالاتصال على الخط، فيتواصل من خلالها ملايين البشر تجمعهم اهتمامات أو تخصصات معينة، ويتاح لأعضاء هذه الشبكات مشاركة الملفات والصور، وتبادل مقاطع الفيديو، وإنشاء المدونات، والمراسلة، وإجراء المحادثات الفورية السمعية والسمعية البصرية، وتوصف هذه الشبكات بأنها تتيح التواصل مع الأصدقاء وزملاء الدراسة، وتقوي الروابط بين أعضاء هذه الشبكات في فضاء الإنترنت، ومن أشهر هذه الشبكات الاجتماعية عالميا الفيس بوك؛ حيث استأثر بقبول وتجاوب عدد كبير من الناس، خصوصاً الشباب في جميع أنحاء العالم، وهذا ما تؤكده إحصاءات موقع "سوشيال بايكرز" (Social Packers).*
ولكون استخدام موقع الفيس بوك ظاهرة تخللت المجتمعات وحركت الفضول العلمي لاكتشافها في جميع أنحاء العالم، وفي ضوء المعدلات المتزايدة في استخدام الشباب الجامعي الجزائري للموقع، سعت المؤلفة للإجابة عن التساؤل الجوهري التالي:
ما واقع استخدام طلبة جامعات الجزائر العاصمة 1و2 و3 للشبكة الاجتماعية على الإنترنت "الفيس بوك"؟
ولوضع إجابة وافية عن هذا التساؤل، خصصت الباحثة أربعة فصول ضمها الكتاب؛ عنونت الفصل الأول بـ : "استخدامات الطلبة الجامعيين الجزائريين للفيس بوك"، ركزت فيه على ماهية "كتاب الوجوه" (الفيس بوك)، الذي يعد شبكة عنكبوتية عملاقة تمثل "رسما بيانيا اجتماعيا" يمكّن الأفراد من نشر المحتويات وإثرائها وتحويرها، وحتى تقاسمها مع الأعضاء الآخرين ضمن المجموعة؛ وهو شبكة تواصل اجتماعي بين أفراد يشكلون جماعة افتراضية، فيستخدم الناس هذه الشبكة للتواصل والنقاش وتكوين علاقات إنسانية؛ وعلى هذا الأساس وُصف كونه جماعة افتراضية، كما وُصفت المجموعات التي تندرج ضمنه جماعات ضمن الجماعة؛ وهو موقع شد اهتمام الجزائريين، كما بينت المؤلفة، من خلال بعض الإحصاءات، منها أن عدد مستخدمي الفيس بوك وصل 7.7 ملايين جزائري، وهذا شهر فيفري 2015؛ مما يؤكد الشعبية الكبيرة للشبكة الاجتماعية الأولى في العالم لدى الجزائريين.
ولقد ركزت صونية عبديش في نفس الفصل على التطبيقات والخصائص العامة لموقع الفيس بوك، مع التركيز على"البروفايل” Profile كأهم خاصية فيه، إلى جانب لغة التخاطب عبر الموقع، ودرجة الإدمان له؛ إذ إنه من الممكن أن يضحّي البعض بالعمل والمدرسة والعلاقات الأسرية والمال بسبب إدمانه الإنترنت، "ومن خلال الفيس بوك"؛ حيث يشعر بالنشوة والسعادة بمجرد اتصاله بالإنترنت، والتوتر والقلق الشديدين في حالة وجود أي عائق للاتصال بالشبكة، لدرجة قد تصل إلى حد الاكتئاب، والتكلم عن الشبكة في الحياة اليومية، أو ينهض من النوم بشكل مفاجئ للاتصال بالإنترنت، وحتى الكذب على أفراد العائلة، خاصة على الوالدين بخصوص المدة الزمنية التي يقضيها في استخدام الإنترنت، أضف إليها تدهور أوقات النوم والاستيقاظ بسبب الاستعمال المتواصل حتى أوقات متأخرة من الليل، مما يؤثر على صحة الإنسان، وكذا الإصابة بتعب عظام الرسغ (carpal tunnel syndrome) المعروف علميا "بتناذر النفق الرسخي"، حيث يصيب الأشخاص الذين يمضون أوقاتا طويلة في استخدام أصابعهم بالضغط على لوحة المفاتيح، وانكماش حجم المعاملات الشخصية، والعزلة، والوحدة.