د. حسن نيازي الصيفي – أستاذ العلاقات العامة المشارك بجامعة الملك فيصل بالمملكة العربية السعودية
تستهدف هذه الورقة أن تكون مصدرا للمعلومات بشأن المخاطر الرئيسة للإعلام الاجتماعي في عملية نشر وانتشار الإرهاب، وأن تكون أيضا نقطة مرجعية في تعميق الموضوع الرئيس، وفي عملية تصميم التدابير الأكثر قدرة على البقاء ضد الأعمال الإرهابية.
حيث أوضحت الورقة كيف أن شبكة الإنترنت خدمت تنظيم داعش الإرهابي وساعدته على تحقيق أهدافه بشكل لم يسبق له مثيل لأي تنظيم إرهابي، حيث استفاد فائدة كبيرة من شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي في نشر رسالته وتشجيع الآخرين - وخاصة الشباب- على دعمهم له للسفر إلى الشرق الأوسط للمشاركة في القتال جنبا إلى جنب مع أقرانهم من الإرهابيين في الميدان، أو الارتباط بمجموعة إرهابية للقيام بدور داعم (عن بعد)، وغالبا ما يكون هذا دور الشابات اللاتي أقنعن بالانضمام إلى داعش.
كما يستخدم متطرفو داعش الإنترنت بشكل متزايد لأغراض مختلفة، منها جمع التبرعات، والدعاية والتدريب؛ نظرا لأن العديد من المواقع تقدم أدلة للمستخدم حول مواضيع مثل المواد المتفجرة، وللتجنيد والتعبئة، والتنسيق والتواصل بين أعضاء وأنصار التنظيم، والتخطيط لهجمات إرهابية، والتضليل - وهذا مبني على إصدار تهديدات أو نشر صور تثير مشاعر الرعب والخوف وعدم الدفاع - والهجوم على الأهداف.
وأوضحت الورقة الحالية أن الإعلام الاجتماعي أثبت بشكل واضح أنه أداة قيمة للغاية للمنظمات الإرهابية ومناسب تماما للجمهور الذي تعتزم استهدافه، ووفقا لمركز بيو للأبحاث يستخدم ٨٩٪ من البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين ١٨-٢٩ سنة الإعلام الاجتماعي، وتسمح منصات مثل الفيسبوك وتويتر وحتى يوتيوب لدعاية داعش بالوصول إلى جميع أنحاء العالم في نفس الوقت، حيث يرسل التنظيم على نحو متزايد عبر مواقع الإنترنت صورا وملفات فيديو ذات جودة ومتطورة وتتضمن تأثيرات بصرية.
كما أفادت أن لتنظيم داعش أعضاء متخصصين في شبكة الإنترنت يعرفون كيفية التحدث مع الشباب بلغتهم بدهاء، كما يستخدمون ملفات الفيديو والصور للتأثير على الحالة النفسية للشخص، من خلال توجيه رسائل مثل: "إذا كنت تكره الطريقة التي تعيش بها حياتك فتعال معنا، وستصبح أفضل "كما يغرون من يجندونه بالهدايا والسبايا أو فرصة الحصول على شيء "أفضل" في الآخرة، وتريد عبارات مثل "علاج الاكتئاب هو الجهاد".
ولذا فالسؤال الذى حاولت الورقة الحالية الإجابة عليه هو: ما الرسائل التي يبثها داعش لحث الشباب العرب والغربيين للانضمام إلى مجموعته الإرهابية؟ وماذا يقنع الشباب في أوروبا، أستراليا، كندا، والولايات المتحدة والوطن العربي وغيرهم من الهاربين من القانون للانضمام إلى مثل هذه الجماعات، وماذا يدفع المراهقين إلى ترك أوطانهم للانضمام إلى داعش على أرض المعركة؟ وما المخاطر التي تحيط بالوطن عندما يتم التواصل مع مواطنيها وإقامة علاقات مع أعضاء داعش؟.
وذكرت الورقة أن الموظف السابق في مجلس الأمن القومي هيلاري مان ليفريت، قد صرح أنه في كل يوم من أيام فبراير ٢٠١٦ كان يتم نشر ٩٠٠٠٠ رسالة مؤيدة لداعش عبر الإعلام الاجتماعي، كما أشار باحث مستقل إلى أن البيانات تشير إلى عدد أكبر من ذلك بكثير، حيث يمكن أن يكون هناك ما يصل إلى ٢٠٠٠٠٠ تغريدة يوميا، ويشمل ذلك إعادة التغريدات والتي يكون بعضها ناتجا عن استخدام برامج الكمبيوتر.
ويحاول داعش أن يستفيد من الموارد الإلكترونية للترويج لرسالته على أوسع نطاق ممكن، حيث يستخدم مجموعة من التطبيقات المخصصة كالتطبيق الذي أطلقه على تويتر المسمى "الفجر"، والذي يهدف إلى لحفاظ على المتعاطفين معه من خلال تقديم أحدث الأخبار حوله، وقد تم تحميله من قبل العديد من المستخدمين، بعد طلب الإذن للوصول إلى المعلومات الشخصية، مثل محتوى الوسائط على جهاز المستخدم، وشبكة واي فاي وهلم جرا، وبهذه الطريقة، يمكنهم تحديد موقعه، والتعرف على اهتماماته وأصدقائه المقربين وعائلته وهلم جرا.
كما ينتج داعش كميات كبيرة من أشرطة الفيديو التي تحاكي أفلام في هوليوود وأشرطة الفيديو والموسيقى، ويتم استهداف الشباب العرب والغربيين بشكل واضح، وغالبا ما تشمل أشرطة الفيديو والموسيقى كلمات مترجمة إلى اللغة الإنجليزية وعدد من اللغات الأوروبية، ويعتقد البعض أن مغني الراب الألماني السابق Denis هو المساهم الرئيسي في إنتاج ملفات الفيديو هذه؛ لأنه قد تعرض لأساليب الإنتاج المتطورة خلال عمله الموسيقى كمغني راب، ثم ترك عمله بالموسيقى بعد انضمامه لتنظيم داعش الإرهابي في عام ٢٠١٢.
ومن ثم فنحن أمام تنظيم إرهابي يتفوق على غيره من هذه التنظيمات في استخدامه للإنترنت، بما يجعله جزءا من حملة فعالة (العمليات النفسية) للفوز بالقلوب والعقول، وجيوب المؤيدين المحتملين.
وتشير التقديرات إلى أن أكثر من ٣٠٠٠ من مواطني الدول الغربية هاجروا إلى الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم داعش الإرهابي في دعم المتطرفين هناك، حيث سمحت شبكة الإنترنت - وبشكل أكثر تحديدا الإعلام الاجتماعي لتنظيم داعش الإرهابي - بالتواصل مع الآلاف من الناس في جميع أنحاء العالم، على الرغم من بعد المسافة، كما أن الرابطات المنشأة على الشبكات الاجتماعية يمكن أن تتيح الاتصال الشخصي من شخص لشخص، إلى جانب استخدام خدمات "الدردشة" الأخرى مثل ChatSecure، TextSecure، و Redphone.
ومن المهم أن نضع في الاعتبار أيضا أنه حتى عندما لا يترك الأفراد بلادهم متجهين إلى الانضمام للتنظيم داخل الحدود السورية العراقية في المناطق التي تخضع لسيطرة داعش، فإنهم يمكن أن يدعموا المنظمة الإرهابية المتطرفة ويهددون أمن العالم ويعرضونه للخطر؛ من خلال القيام بأعمال إرهابية داخل الحدود التي يتواجدون فيها كالتفجيرات التي استهدفت العاصمة الفرنسية باريس مساء الجمعة ١٣ نوفمبر ٢٠١٥ م وأدت إلى سقوط المئات ما بين قتيل وجريح ، وهجومه على الطائرة الروسية في سيناء ومحطة المترو في تركيا وغيرها، وهو ما يعد دليلا واضحا على الخطر الكبير لهذا التنظيم الشيطاني.
ويعد ماسبق تلخيصاً لمحاور الورقة الحالية التى أبانت عوامل جاذبية داعش والسر وراء انجراف عدد كبير من الشباب للانضمام إليها أو تأييدها، كما تحدثت الورقة عن سمات عناصر تنظيم داعش من حيث العمر والجنس والتعليم والحالة الاجتماعية، ثم خلصت الورقة فى النهاية إلى مجموعة مركزة من المقترحات المهمة فى هذا الشأن.