رؤية إجرائية في ضوء مدخل تقاسم المعرفة
د. حنان يوسف - أستاذ الإعلام بجامعة عين شمس ورئيس المنظمة العربية للحوار
في الوقت الذي أصبح فيه الإرهاب بكافة أشكاله ظاهرة عالمية تخطت أخطارها كل الحدود، وأدركت كل دول العالم وشعوبه حتمية تنسيق الجهود لمحاصرته والتصدي له، كان الإعلام حاضرًا على الدوام بوصفه أحد أهم الوسائل التى يمكن - إذا ما أحسن توظيفها - أن تكون أدوات فاعلة للتصدي للإرهاب والقضاء عليه.
وفي الوقت ذاته، تؤدي المنظمات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني دورًا مهمًا رئيسًا في مکافحة الإرهاب، وقد أکدت مختلف الوثائق الدولية أهمية دور المجتمع المدني والمنظمات الأهلية فی مواجهة التحديات الإرهابية المعقدة والمتعددة الأبعاد.
ونظرًا لتعقد ظاهرة الإرهاب؛ فقد تبين أهمية تشارك قطاعي كل من الإعلام والمجتمع المدني في محاولة ناجزة للتصدي لهذه الظاهرة، وبدراسة هذه العلاقة التشابكية تطرح هذه الورقة تبني فرضية تقاسم المعرفة، والتي تشير إلى ضرورة بناء أطر تنظيمية للعمل بين كل من وسائل الإعلام والمجتمع المدني، فكلاهما يؤثر ويتأثر في الآخر، وهناك دوائر للحركة تميز كل قطاع منهما عن الآخر، وإن كان لابد من التشبيك بينهما من أجل إحداث نتائج ملموسة في مكافحة ظاهرة الإرهاب.
وعليه تسعى الورقة في صيغتها الإجرائية إلى رصد تطبيق مدخل تقاسم المعرفة الذي تبنته إحدى منظمات المجتمع المدني العربية - المنظمة العربية للحوار والتعاون الدولي - من خلال نشاطها المدني في مواجهة الإرهاب، والذي انبثق منها قاعدة "لا إطلاق لاستراتيجية عربية إعلامية لمكافحة الإرهاب ٢٩-٧-٢٠١٥"، حيث قامت المنظمة بعد ذلك انطلاقًا من مدخل تقاسم المعرفة بالتشبيك مع عدد كبير من الهيئات المحلية والعربية والدولية من أجل محاولة تكوين تيار معرفي تراكمي مدني لتبني بناء استراتيجية متكاملة لمكافحة الإرهاب بدلًا من العمل في محاولات فردية لا تكون لها قوة مؤثرة.
ومن هنا؛ تتولد أهمية تحفيز قطاعات المجتمع العربي الإعلامية والمدنية لتتبنى مبدأ تقاسم المعرفة، باعتباره من أهم عوامل تبادل المعرفة التنظيمية، وتعتمد فاعلية تقاسم المعرفة على مدى قابلية الأشخاص العاملين على المشاركة وتقاسم المعرفة؛ حيث يشمل مفهوم تقاسم المعرفة: التواصل حول المعرفة ضمن مجموعة من الأفراد، ويتم تقاسم المعرفة من شخص إلى شخص، أو من مشاركة من خلال نظم حكيمة لإدارة المعرفة من خلال شبكة مفتوحة؛ الأمر الذي يمكن أن ينجح فيه بكفاءة الأداء المدني في إيجاد تشبيك قوي لجهود مبعثرة تحت إطار تنظيمي وفكري موحد لمكافحة الإرهاب، وهو ما سوف يتم تناوله اختصارًا عبر هذه الورقة الإجرائية.